تونس تحقق نجاحًا اقتصاديًا غير مسبوق في عام 2023.. تسديد 89% من الديون الخارجية.. خفض عجز الحساب الجاري والاحتياطي النقدي في عتبة "الآمان"



تونس تحقق نجاحًا اقتصاديًا غير مسبوق في عام 2023.. تسديد 89% من الديون الخارجية.. خفض عجز الحساب الجاري والاحتياطي النقدي في عتبة "الآمان"

واصلت مداخيل السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج تحطيم الأرقام القياسية، حيث بلغت 46% من احتياطيات العملة الأجنبية بعد أن وصلت إلى 12.3 مليار دينار في 20 أكتوبر 2023، مقابل 10.3 مليار دينار في نفس الفترة من العام السابق، وفق مؤشرات نقدية ومالية نشرها البنك المركزي التونسي يوم الثلاثاء 24 أكتوبر 2023. وبلغت احتياطيات العملة الأجنبية عتبة الأمان، حيث بلغت 27013.6 مليون دينار (د.ت)، أي ما يعادل 120 يومًا من الواردات، بزيادة قدرها 4202.2 مليون دينار.

واستمرت مؤشرات القطاع الخارجي في الاستقرار، ولهذا السبب، لاحظ مجلس إدارة البنك المركزي التونسي، الذي اجتمع في 18 أكتوبر، انخفاضًا ملحوظًا في عجز الحساب الجاري، والذي بلغ 3461 مليون دينار (د.ت) (أو 2.2% من الناتج المحلي الإجمالي)، في نهاية سبتمبر 2023، مقابل عجز قدره 10387 د.ت (أو 7.2% من الناتج المحلي الإجمالي) في العام السابق. وتحمل هذه المؤشرات، على وجه الخصوص، علامة استمرار خفض العجز التجاري، والذي بلغ 11.6 مليار دينار في نهاية سبتمبر 2023، مقابل 17 مليار دينار في نهاية سبتمبر 2022.

مؤشرات غير مسبوقة

ومن المتوقع أن ينخفض عجز الحساب الجاري، الذي يعكس اتجاه ميزان المدفوعات الجارية، لتونس من 5.8% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023 إلى 5.4% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، علمًا أنه كان 8.6% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022، وفقًا لآخر التوقعات في تقرير صندوق النقد الدولي حول آفاق الاقتصاد العالمي لشهر أكتوبر 2023.

كما تم تسليط الضوء على هذا الانخفاض الكبير في عجز الحساب الجاري في أحدث تقرير للبنك الدولي حول أحدث التطورات الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث توقعت المنظمة الدولية انخفاضًا في رصيد المعاملات الجارية لتونس من -8.6% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022 إلى -4% هذا العام ليصل إلى -4.6% في عام 2024.

وتعد مؤشرات تسديد تونس معظم ديونها الخارجية لعام 2023 تطورًا إيجابيًا للاقتصاد التونسي. ويظهر أن تونس تحقق تقدمًا في جهودها لخفض أعباء ديونها، والتي كانت تمثل تحديًا كبيرًا للبلاد في السنوات الأخيرة. كما أن الأداء القوي لمداخيل السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج هو أيضًا علامة إيجابية على تعافي الاقتصاد التونسي. والسياحة هي مصدر رئيسي للعملات الأجنبية لتونس، وتحويلات التونسيين بالخارج مهمة لدعم اقتصاد البلاد، ويظهر ذلك أن تونس لديها مخزونًا قويًا ضد الصدمات الخارجية. كما أن الانخفاض المتوقع في عجز الحساب الجاري هو أيضًا علامة إيجابية، إذ انه يكشف تحكم تونس في نفقاتها، وأصبحت تستورد أقل مما تصدر. وهذا يمكن أن يساعد في خفض العجز التجاري في البلاد وتحسين ميزان مدفوعاتها.

نجاح اقتصادي لافت

وبشكل عام، يعد تسديد تونس معظم ديونها الخارجية لعام 2023 تطورًا إيجابيًا للاقتصاد التونسي. ويظهر أن تونس تحقق تقدمًا في جهودها لخفض أعباء ديونها وتحسين أدائها الاقتصادي، كما يمكن القول إن تونس حققت نجاحًا اقتصاديًا ملحوظًا في عام 2023، حيث تمكنت من تحقيق العديد من الإنجازات، بما في ذلك. تسديد معظم ديونها الخارجية، بما يعادل 89% من الديون المستحقة في عام 2023، وتحطيم الأرقام القياسية في مداخيل السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج، وبلوغ احتياطيات العملة الأجنبية عتبة الأمان، حيث بلغت 27013.6 مليون دينار، أي ما يعادل 120 يومًا من الواردات، الى جانب انخفاض عجز الحساب الجاري إلى 2.2% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية سبتمبر 2023، مقابل 7.2% في العام السابق.

ومن بين العوامل التي ساهمت في تحقيق تونس لهذا النجاح الاقتصادي، نجد على رأسها استقرار الوضع السياسي في البلاد، ونجاح رئيس الجمهورية قيس سعيد في حربه على الفساد ومسكه بزمام الأمور، رغم المعارضة الغربية للعديد من الملفات الاقتصادية، كما يعود ذلك الى نجاعة الإصلاحات الاقتصادية التي أجرتها الحكومة التونسية، والتي ساعدت في تحسين مناخ الاستثمار، ويتوقع أن يستمر الاقتصاد التونسي في النمو في عام 2024، حيث من المتوقع أن يصل النمو إلى 2.3%. كما من المتوقع أن ينخفض عجز الحساب الجاري إلى 5.4% من الناتج المحلي الإجمالي.

قلب المعادلة الصعبة

وعلى الرغم من هذا النجاح الاقتصادي، لا تزال هناك بعض التحديات التي تواجه الاقتصاد التونسي، أبرزها التحديات المناخية، وتراجع الاقتصاد العالمي بسبب الصراعات والحروب في مختلف المناطق من العالم، كما يشدد عدد من الخبراء أن تونس لا يمكنها الاعتماد على مصادر التمويل البديلة وحدها، وأنها بحاجة إلى إصلاحات هيكلية لضمان استقرار الاقتصاد وجذب الاستثمارات، علما وان العديد من الخبراء الاقتصاديين، كانوا قد حذروا موفى العام الماضي من سنة صعبة ستعيشها تونس خلال 2023، وذلك بسبب تزامنها مع آجال تسديدها لديون خارجية بقيمة ناهزت 2 مليار دولار، أي أكثر بقليل عن سنة 2022، والتي دفعت تونس الى الالتزام بدفع ديون خارجية بقيمة 1.4 مليار دولار، كذلك اعتقد الكثير من الخبراء، أن السنة الحالية ستكون صعبة للغاية، وذلك بعد أن تضمن قانون المالية لسنة 2023، تفعيلا لحزمة من الضرائب والأداءات الجديدة والمضمنة في قانون المالية لسنة 2023، في حين حذرت وكالة "فيتش" الأمريكية، أن ذروة استحقاقات الديون الخارجية لتونس ستكون في عام 2024، حوالي 2.6 مليار دولار أمريكي، و850 مليون أورو سندات دولية، متوقعة أن ينخفض العجز العام إلى 5.6٪ من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2023 والى 3.8٪ من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2024، مقابل 7.3٪ سنة 2022، كما توقعت الوكالة أن تمكن الإجراءات الجبائية المتخذة من الحفاظ على موارد جبائية في حدود ما بين 25٪ و26٪ من الناتج المحلي الإجمالي مقابل معدل 22.5٪ في السنوات الماضية.

الجدير بالذكر، أن تونس بدأت العام الجاري باحتياطي نقدي لا يلبي حاجياتها الاقتصادية، إلا أنه بفضل السياسة النقدية المنتهجة والإصلاحات الهيكلية في مختلف القطاعات في الدولة، نجحت في قلب المعادلة الصعبة وتحقيق انجازات اقتصادية في ظرف عالمي يتسم بالفوضى وعدم الاستقرار، ودون الحاجة الى تمويلات صندوق النقد الدولي.



source: https://www.assabahnews.tn

A voir aussi