يكشف تقرير بنك الجزائر لسنة 2022 عن إجراءات سريعة اتخذتها السلطات المالية والنقدية في البلاد، لكبح نسبة التضخّم المستوردة من الخارج، والتي من شأنها التأثير على أسعار المواد الاستهلاكية محليّا، على غرار استرجاع السيولة المستهدفة بقيمة 300 مليار دينار، لامتصاص مصدر السيولة الفائضة التضخمية المحتملة، إضافة إلى تعديل أسعار الصرف بين نهاية جويلية ونهاية سبتمبر 2022، حيث ارتفع الدينار الجزائري بنسبة 4.1 بالمائة مقابل الدولار الأمريكي و7 بالمائة مقابل الأورو.وحسب التقرير السنوي للتطوّر الاقتصادي والنقدي لبنك الجزائر لسنة 2022، والذي اطلعت “الشروق” على نسخة منه، واصل المتوسّط السنوي لمؤشر الأسعار عند الاستهلاك وتيرته المتسارعة خلال سنة 2022 مسجّلا معدّلات تضخم هي الأعلى بالنسبة للعشر سنوات الأخيرة، حيث بلغت الزيادة في المؤشّر الوطني نسبة 9.70 بالمائة مقابل 7.23 بالمائة في 2021 وفي الجزائر الكبرى 9.27 بالمائة.
وحسب التقرير الذي سيعرضه المحافظ قريبا بالبرلمان، لا يزال هذا الاتجاه التضخمي متأثرا بشكل رئيسي بارتفاع أسعار المنتجات الغذائية التي تعتبر خارجية المنشأ، وفي عام 2022، سجّلت هذه الأسعار تضخما بنسبة 13.4 بالمائة لتساهم بنسبة 64.4 بالمائة من التضخم الإجمالي.وتسارع متوسّط التضخم السنوي لأسعار الإنتاج الصناعي للقطاع العمومي بشكل واضح، حيث ارتفع بنسبة 13.3 بالمائة في سنة 2022، بعد ارتفاعه بنسبة 7.4 في السنة السابقة، كما ارتفعت أسعار الصناعات المعملية بنسبة 8.9 بالمائة سنة مقابل 7.8 بالمائة سنة 2021، وسجّل إجمالي مؤشّر القيم الوحدوية عند الاستيراد تضخما بنسبة 15.6 بالمائة سنة 2022 مقابل 22.6 في السنة الفارطة، مدفوعا بمؤشّر القيم الوحدوية للمواد الغذائية والحيوانات الحية الذي سجّل متوسّط معدّل تضخم سنوي قدره 32.6 بالمائة خلال السنة قيد الدراسة، وهي أكبر نسبة مقارنة بتلك المسجلة سنة 2021 بـ25 بالمائة.وعلى مستوى السوق العالمية، تميزت سنة 2022 بارتفاع واضح في أسعار المواد الغذائية الرئيسية، حيث سجل متوسط المؤشر السنوي لأسعار المنتجات الغذائية الرئيسية لمنظمة الأغذية والزراعة 143.7 نقطة في سنة واحدة، وترجع هذه الزيادة إلى ارتفاع أسعار جميع مجموعات المنتجات الغذائية مقارنة بسنة 2021، وهي منتجات الألبان بنسبة 19.5 بالمائة والحبوب بنسبة 17.9 بالمائة والزيوت النباتية بنسبة 13.9 بالمائة واللحوم بنسبة 10.3 بالمائة والسكر بنسبة 4.7 بالمائة.وفي سنة 2022، شهد المؤشر الوطني للأسعار عند الاستهلاك تسارعا ملحوظا على مدار سنة واحدة، حيث ارتفع التضخم بنسبة 9.7 بالمائة مقابل 6.62 بالمائة في السنة الماضية، ليبلغ نفس مستوى ذروة التضخم المسجل سنة 2012 أي 19.70 بالمائة في سياق مماثل لارتفاع الأسعار عن الاستيراد.ونفذ بنك الجزائر جملة من الإجراءات لمكافحة التضخم المرتفع، على غرار دعم تمويل الاقتصاد من خلال الحفاظ على معدل الاحتياطي الإلزامي عند حدود 2 بالمائة وسعر الفائدة الرئيسي المطبق على عمليات إعادة التمويل الرئيسية عند 3 بالمائة سنة 2022، في سياق ارتفاع السيولة المصرفية بعد البرنامج الخاص بمبلغ 2100 مليار دينار الذي بدأ في جويلية 2021 إلى غاية جوان 2022، مع العلم أن مبلغ البرنامج الخاص لإعادة التمويل المسدّد مسبقا بلغ 463.39 مليار دينار سنة 2022، أي نسبة 22 بالمائة من البرنامج.كما نتج عن عودة السياسة النقدية إلى الوضع الطبيعي في أكتوبر 2022، إلى تنفيذ عملية استرجاع ثنائي السيولة المستهدفة بقيمة 300 مليار دينار لامتصاص مصدر السيولة الفائضة التضخمية المحتملة، ويأتي هذا الإجراء تكملة لتعديل أسعار الصرف بين نهاية جويلية ونهاية سبتمبر 2022، والذي ارتفع بنسبة 4.1 بالمائة مقابل الدولار الأمريكي و7 بالمائة مقابل الأورو مما مكّن من خفض جزء من التضخم المستورد على المدى القصير الذي كانت مساهمته في التضخم الكلي أكثر من 70 بالمائة سنة 2021 و61.7 بالمائة سنة 2022.