تونس:رغم تراجع التضخم.. أسعار المواد الغذائية والمصنعة في ارتفاع وتراجع في أسعار الخضر والغلال



تونس:رغم تراجع التضخم.. أسعار المواد الغذائية والمصنعة في ارتفاع وتراجع في أسعار الخضر والغلال

سجل مؤشر أسعار المواد الغذائية خلال شهر أكتوبر الماضي ارتفاعا بنسبة 13,1٪ بحساب الانزلاق السنوي، وذلك رغم تراجع التضخم، كما شهدت أسعار المواد المصنعة ارتفاعا بنسبة 7.7%، الى جانب أسعار الخدمات التي سجلت ارتفاعا بنسبة 6,2% ويعزى ذلك بالأساس الى ارتفاع أسعار خدمات المطاعم والمقاهي والنزل، في حين تراجعت أسعار الخضر والغلال، وفق ما كشف عنه معهد الإحصاء الوطني في آخر نشرية له.

وسجلت أسعار الاستهلاك ارتفاعا بنسبة 0,7% خلال شهر أكتوبر 2023 مقارنة بشهر الفارط بعد الارتفاع بنسبة 0,8% خلال شهر سبتمبر 2023. ويعزى هذا التطور بالأساس الى الارتفاع المسجل في أسعار الملابس والأحذية بنسبة 6,4% وأسعار المواد الغذائية بنسبة 0,1% وأسعار خدمات ومواد التعليم بنسبة 0,4%.

كما شهد مؤشر أسعار مجموعة التغذية والمشروبات ارتفاعا طفيفا بنسبة 1,0% ، ويعود ذلك بالأساس الى ارتفاع أسعار الزيوت الغذائية بنسبة 2,5% وأسعار التوابل بنسبة 2,6% وأسعار لحم البقر بنسبة 1,4% وأسعار لحم الضأن بنسبة 1,1%. وفي المقابل تراجعت أسعار الخضر بنسبة 1,9% وأسعار الغلال بنسبة 0,9%.

ارتفاع أسعار المواد الغذائية

وارتفعت أسعار الملابس والأحذية بنسبة 6,4% خلال هذا الشهر تزامنا مع انتهاء موسم التخفيضات الصيفية حيث ارتفعت أسعار الملابس بنسبة 6,4% وأسعار الأحذية بنسبة 7,3% وأسعار الأقمشة بنسبة 1,6% وأسعار مكملات اللباس المختلفة بنسبة 2,1%.

وسجلت نسبة التضخم عند الاستهلاك تراجعا الى مستوى 8,6% بعد أن كانت في حدود 9% خلال شهر سبتمبر. ويعود هذا التراجع لتقلص نسق الزيادة في الأسعار بين شهري أكتوبر وسبتمبر 2023 بالمقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة. حيث شهد نسق تطور أسعار مجموعة المواد الغذائية تراجعا من 13,9% الى 13,1% ونسق ارتفاع أسعار مجموعة الأثاث والتجهيزات والخدمات المنزلية من 9,1% الى 8,8%.

وباحتساب الانزلاق السنوي ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 13,1%. ويعود ذلك بالأساس الى ارتفاع أسعار القهوة بنسبة 35% وأسعار لحم الضأن بنسبة 29,8% وأسعار الزيوت الغذائية بنسبة 28% وأسعار البيض 20,2% وأسعار لحم البقر بنسبة 18,3% وأسعار الغلال الطازجة بنسبة 14,6%.

ارتفاع أسعار المواد المصنعة

وشهدت أسعار المواد المصنعة لشهر أكتوبر 2023 ارتفاعا بنسبة 7,7% باحتساب الانزلاق السنوي، ويعود ذلك بالأساس الى ارتفاع أسعار مواد البناء بنسبة 6,1% وأسعار الملابس والأحذية بنسبة 9,7% وأسعار مواد التنظيف بنسبة 8,6%. في ذات السياق شهدت أسعار الخدمات ارتفاعا بنسبة 6,2% ويعزى ذلك بالأساس الى ارتفاع أسعار خدمات المطاعم والمقاهي والنزل بنسبة 10,2% وأسعار خدمات النقل العمومي والخاص بنسبة 14,3% وأسعار الخدمات المالية بنسبة 13,3% وخدمات التأمين بنسبة 5,1%.

وسجل التضخم الضمني لشهر أكتوبر 2023 أي التضخم دون احتساب الطاقة والتغذية استقرارا في حدود 4,7%. وشهدت أسعار المواد الحرة ارتفاعا بنسبة 9,7% مقابل 5,2% بالنسبة للمواد المؤطرة، مع العلم أن نسبة الانزلاق السنوي للمواد الغذائية الحرة بلغت 14,8% مقابل 2,2% بالنسبة للمواد الغذائية المؤطرة.

الضغط على مؤشر الأسعار

ويعتبر انفلات الأسعار أكبر خطر، كان يهدد بلادنا خلال الفترة القليلة الماضية، حيث أن ارتفاع الأموال المتداولة مقابل ارتفاع الأسعار أثر سلبا على التوازنات المالية، ونسف جهود البنك المركزي في الحفاظ على استقرار سعر صرف العملة، وهو ما حتم اتخاذ تدابير جدا صارمة، انطلقت السلطات منذ 25 جويلية من عام 2021 في تطبيقها، من خلال محاربة المضاربين والمحتكرين في كافة القطاعات، بالإضافة الى تكثيف المراقبة في مسالك التوزيع للحد من عمليات الغش والاحتكار، فضلا عن تشجيع التونسيين على الادخار لخلق التوازنات المالية.

ولا يستبعد أن يتم اللجوء الى التخفيض من نسبة الفائدة المديرية مستقبلا للضغط على مؤشر الأسعار وخلق التوازن المطلوب بين العرض والطلب، في حال تواصل مؤشر التضخم في الانخفاض، علما وان هناك دعوات صادرة عن مسؤولين بالدولة بضرورة تكثيف عمليات المراقبة، والضرب على أيادي المحتكرين والمضاربين، والذين يحاولون استغلال هذا الظرف لصالحهم ،وأن يشمل ذلك كل القطاعات بما فيها قطاعات الأدوية، محذرين من أن خطر التضخم، الذي داهمنا خلال الأشهر القليلة الماضية، كان بسبب عدم اتخاذ التدابير الضرورية ضد المحتكرين.

احتواء التضخم

ويرى العديد من خبراء الاقتصاد، أن السياسة النقدية للبنك المركزي ليست كافية في الحد من هذه المخاطر وعلى الدولة أن تتحرك لمحاربة فئة من المحتكرين التي تحاول استغلال الأزمات لصالحها للرفع من المواد الاستهلاكية والأدوية، الأمر الذي يهدد أيضا استقرار الدينار التونسي أمام العملات الأجنبية، حيث أن تحسن سعر صرف الدينار أمام العملات الأجنبية في الفترة الماضية، كان بسبب القروض الدولية، والتي ساهمت في تحسن مخزون تونس من التوريد الى أكثر من 117 يوما، فضلا عن انتعاشة بعض القطاعات الحيوية التي ساهمت في ضخ العملةالصعبة على بلادنا.


وتشهد تونس، في الوقت الحالي، تراجعا ملموسا في التضخم من شهر الى آخر، إذ بلغ معدل التضخم السنوي في فيفري 2023، أعلى مستوى له منذ أكثر من ثلاثة عقود، حيث بلغ 10.4%، لينخفض في نوفمبر 2023، الى 8.6%، أي بتراجع 0.4% عن أكتوبر 2023، الذي بلغ فيه التضخم 9%. ويمثل هذا التراجع استمرارا لاتجاه تراجع التضخم في تونس منذ فيفري 2023، حيث بلغ التضخم في ذلك الشهر أعلى مستوى له منذ أكثر من ثلاثة عقود. ويرجع هذا الارتفاع إلى عدة عوامل، من أهمها ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء عالميًا، بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية ، وارتفاع أسعار السلع والخدمات المحلية، نتيجة ارتفاع أسعار المواد الخام والوسيطة، وارتفاع الطلب على السيولة المحلية، بسبب ارتفاع أسعار الفائدة العالمية.

وشكل ارتفاع التضخم عبئًا كبيرًا على الاقتصاد التونسي، واثر سلبًا على القوة الشرائية للمواطنين، وأدى إلى انخفاض القدرة التنافسية للشركات التونسية. ولمواجهة هذا التحدي، اتخذت الحكومة التونسية عدة إجراءات، من أهمها رفع سعر الفائدة الرئيسي من 7.25% إلى 8%، بهدف كبح الطلب على السيولة المحلية، وتطبيق آلية التسعير التنافسي لمواد الطاقة الأساسية، بهدف خفض أسعارها ، وتعزيز الإنتاج المحلي من السلع الغذائية الأساسية، ودعم الأسر الفقيرة والمتضررة من ارتفاع الأسعار.

وهذه الإجراءات من المتوقع أن تساعد على خفض معدلات التضخم في تونس، ولكن من المهم أن تستمر الحكومة في اتخاذ إجراءات إضافية، من أجل تحقيق الاستقرار الاقتصادي وحماية المواطنين من الآثار السلبية للتضخم.



مصدر: https://www.assabahnews.tn

شاهد أيضا