تونس:لم يسبق تحقيقه منذ ثمانينات القرن الماضي.. تقلص تاريخي في عجز ميزان المدفوعات لتونس خلال 2023!
- 26 أكتوبر 2023 / الأخبار / 252 / Hejer
تمكنت تونس من تقليص عجز ميزان المدفوعات الى 2.1% بفضل تحسن التصدير على مستوى قطاعات النسيج والملابس والصناعية والميكانيكية وزيت الزيتون، الى جانب تحسن أداء قطاع الخدمات والسياحة وتحويلات التونسيين بالخارج، مما يجعل البلاد على بعد خطوات من تحقيق فائض في ميزان المدفوعات، في حال تم العمل على تجاوز عجز الميزان الطاقي من خلال تسريع عمليات التحول نحو الطاقات المتجددة ورفع صادرات الفسفاط ومشتقاته.
وتقلص عجز ميزان المدفوعات ما بين أكتوبر 2022 وأكتوبر 2023، ليبلغ في نهاية سنة 2022 حوالي 8،6 بالمائة، ويستقر حاليا في مستوى 2،1 بالمائة، مع توقع عدم تجاوزه نسبة 4 بالمائة في نهاية سنة 2023، وهي نسبة جيدة لم يسبق للبلاد تحقيقها منذ سنوات، خصوصا في ظل الأوضاع العالمية الصعبة.
وميزان المدفوعات هو سجل لجميع المعاملات الاقتصادية بين سكان بلد ما وبقية العالم في فترة زمنية معينة، عادةً سنة واحدة. يتكون ميزان المدفوعات من ثلاثة أجزاء رئيسية، هي الحساب الجاري الذي يسجل جميع المعاملات المتعلقة بالبضائع والخدمات، مثل الصادرات والواردات، بالإضافة إلى التحويلات المالية، مثل تحويلات العاملين المهاجرين، والحساب المالي الذي يسجل جميع المعاملات المتعلقة بالاستثمارات، مثل شراء الأصول الأجنبية وبيع الأصول المحلية، وحساب رأس المال، الذي يسجل جميع المعاملات المتعلقة بالأموال، مثل القروض والمنح.
ويمكن أن يكون ميزان المدفوعات في حالة فائض أو عجز، ويحدث الفائض عندما يكون الدخل من المعاملات الخارجية أكبر من النفقات، بينما يحدث العجز عندما يكون الدخل أقل من النفقات.
أهمية ميزان المدفوعات
ويلعب ميزان المدفوعات دورًا مهمًا في الاقتصاد الوطني، حيث أنه يوفر مؤشرًا على أداء الاقتصاد وقدرة البلاد على سداد ديونها. كما أنه يؤثر على سعر صرف العملة الوطنية. ويمكن أن يكون عجز ميزان المدفوعات ضارًا بالاقتصاد، حيث أنه يمكن أن يؤدي إلى انخفاض قيمة العملة الوطنية وارتفاع معدلات التضخم، كما يمكن أن يكون فائض ميزان المدفوعات مفيدًا للاقتصاد، حيث أنه يؤدي إلى ارتفاع قيمة العملة الوطنية وانخفاض معدلات التضخم. ويمكن أن تساعد الإصلاحات الاقتصادية في تحسين ميزان المدفوعات، مثل خفض عجز الحساب الجاري وزيادة احتياطيات العملة الأجنبية.
تقلص عجز ميزان المدفوعات
ومن أبرز التطورات الاقتصادية الإيجابية في تونس في عام 2023 هو تقلص عجز ميزان المدفوعات، حيث انخفض من 8.6% في نهاية عام 2022 إلى 2.1% في نهاية شهر أكتوبر 2023. ويعد هذا الانخفاض إنجازًا كبيرًا، حيث أنه يعكس تحسينًا في أداء الصادرات وانخفاضًا في الواردات. كما تراجع التضخم في تونس خلال عام 2023، حيث انخفض من 10.4% في شهر فيفري 2023 إلى 9٪ في شهر أكتوبر 2023. ويعد هذا التراجع إنجازًا آخر، حيث أنه يعكس قدرة الحكومة على السيطرة على الأسعار.
كما ارتفعت احتياطيات العملة الأجنبية في تونس خلال عام 2023، حيث بلغت 120 يوم توريد في نهاية شهر أكتوبر 2023. ويعد هذا الارتفاع إشارة إلى قدرة تونس على مواجهة الالتزامات المالية الخارجية. ورغم هذه التطورات الإيجابية، يؤكد محافظ البنك المركزي التونسي، مروان العباسي، على ضرورة مواصلة الإصلاحات الاقتصادية، سواء بمرافقة صندوق النقد الدولي أو من دونه، وذلك من أجل استعادة نسق النمو وبناء اقتصاد دامج ومستديم.
وشهدت تونس في عام 2023 عددًا من التطورات الاقتصادية الإيجابية، والتي أدت إلى تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي وزيادة الثقة في الاقتصاد التونسي. ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة إلى مواصلة الإصلاحات الاقتصادية من أجل تحقيق النمو المستدام وتحسين مستوى معيشة المواطنين.
وتشير البيانات التاريخية إلى أن أفضل فترة لاستقرار ميزان المدفوعات في تونس كانت في الفترة من 1982 إلى 1987، حيث سجل ميزان المدفوعات فائضًا في معظم السنوات. وقد ساهم في تحقيق هذا الاستقرار عدد من العوامل، منها ارتفاع أسعار النفط العالمية، مما أدى إلى زيادة عائدات النفط والغاز التونسي.التوسع في الصادرات غير النفطية، خاصة في قطاع النسيج والملابس، وخفض الدعم الحكومي للواردات.
ومنذ ذلك الحين، واجه ميزان المدفوعات التونسي صعوبات في تحقيق الاستقرار، حيث سجل عجزًا في معظم السنوات. وقد ساهم في ذلك عدد من العوامل، منها الاضطرابات السياسية والأمنية في البلاد، والارتفاع المستمر في أسعار الطاقة والغذاء العالمية ، وضعف أداء القطاع الخاص.
ومع ذلك، شهد ميزان المدفوعات التونسي تحسنًا في عام 2023، حيث انخفض عجز الحساب الجاري من 8.6% في نهاية عام 2022 إلى 2.1% في نهاية شهر أكتوبر 2023. وقد ساهم في هذا الانخفاض عدد من العوامل، منها ارتفاع صادرات تونس من السلع والخدمات خاصة السياحة، وتراجع الواردات نتيجة ارتفاع أسعار النفط والغذاء العالمية ، وزيادة احتياطيات العملة الأجنبية.
إصلاحات اقتصادية ضرورية
وحسب ما أفاد به عدد من خبراء الاقتصاد "الصباح"، فإنه إذا استمر هذا الأداء الإيجابي في عام 2024، فمن المحتمل أن يحقق ميزان المدفوعات التونسي، فائضا ويخلق الاستقرار في السنوات القادمة.
بالإضافة إلى العوامل التي ساهمت في استقرار ميزان المدفوعات التونسي في الفترة من 1982 إلى 1987، هناك عدد من العوامل الأخرى التي يمكن أن تساهم في تحقيق الاستقرار في السنوات القادمة، منها تنفيذ الإصلاحات الهيكلية اللازمة لتحسين كفاءة الاقتصاد التونسي، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وإذا تم تنفيذ هذه العوامل، فمن المحتمل أن يحقق ميزان المدفوعات التونسي الاستقرار في السنوات القادمة، مما سيساعد في تعزيز النمو الاقتصادي وتحسين مستوى معيشة المواطنين.
وتشمل الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة في تونس، التوسع في إصلاحات هيكلية، مثل إصلاح القطاع العام ودعم الاستثمار الخاص.، والقيام بإصلاحات مالية، مثل خفض عجز المالية العامة وزيادة الإيرادات الضريبية، بالإضافة الى إصلاحات اجتماعية، مثل تحسين كفاءة سوق العمل وضمان الحماية الاجتماعية للمواطنين.
مصدر: https://www.assabahnews.tn